تخصيص منافذ لشراء المحاصيل من المزارعين الحل الأمثل لجشع
التجار
المزارعون: جشع التجار لا يُحفزهم على الزراعة
التجار: أصحاب
المحلات هم السبب في ارتفاع أسعار الفاكهة
تحقيق: أحمد علي أحمد
يعاني الفلاح
المصري من عدة أزمات، ومنها ارتفاع أسعار
المبيدات والتقاوي والري، وانخفاض واضح في الأسعار التي يتم شراء المحاصيل
الزراعية بها من المزارعين من قبل التجار، تلك الأسعار التي يشتري بها التجار
المحاصيل الزراعية من الفلاحين مستثناه من موجات ارتفاع الأسعار، هذه المفارقة العجيبة
لا يفهم الفلاحين أسبابها ولن يقدروا على تفسيرها.
المزارعون ضحايا جشع التجار
يهوى علي
احمد ،معلم بإحدى المدارس بمركز مطاي، الزراعة ويعمل بها لتحسين دخله ويزرع
قيراطين من الثوم، الذي يقطن في التربة
ستة أشهر لاكتمال نموه وإخراج محصوله.
ويقول
"علي" إن التكاليف المصروفة علي مراحل نمو الثوم تُقدر بثلاثة آلاف جنيه
موزعه كالتالي مصاريف الري تقدر بـــ500 جنيه، ومصاريف التقاوي والسماد 1050 جنيه
تشكلت ما بين سماد مدعم من وزارة الزراعية ممثلة في الجمعيات التعاونية الزراعية
"النترات والسوبر" ويبلع ثمن العبوة الواحدة 180 جنيه للنترات و70 جنيه
للعبوة الواحدة من السوبر فوسفات، وسماد غير مدعم "اليوريا" ويبلغ ثمن العبوة
الواحدة 250 جنيه وكان سعره منذ عامين قبل قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه في
نوفمبر 2016 يعادل 170 جنيه، إلي جانب تكاليف عمال لتقليب التربة وتهويتها
وتنقيتها من الحشائش التي تمتص غذائها تعادل 400 جنيه.
ويُقدر المحصول الناتج عن زراعة "علي"
للثوم بحوالي طن ونصف منهم طن ثوم صيني ونصف طن من الثوم البلدي.
واصطدم "علي" بجشع التجار واستغلالهم
عند عرض بضاعته للبيع قائلًا: "وجدت أن سعر كيلو الثوم الصيني الذي عرضه
التاجر علي ثلاثة جنيهات ونصف في حين انه يباع في الأسواق التجارية بثماني جنيهات
للمواطن المستهلك، ووجدت سعر كيلو الثوم البلدي جنيها ونصف رغم أن سعره في الأسواق
ستة جنيهات، كل هذا الفرق يدخل في أيدي التجار أي أن التاجر يربح أضعاف ما يربحه
المزارع في صفقة تستمر لبضعة أيام نتيجة لعدم الرقابة وعدم وجود آليات واضحة للبيع
من المزارع للتجار، مما يقع الضرر الأكبر علي المزارع الذي جد وتعب لمدة نصف عام
ولم يجد إلا ربحًا ضئيلًا .
ويوصف
" علي" ما يحدث من قبل التجار
بأنه "استغلال وجشع" فهو يصرف 2000جنيه في نصف عام بمتوسط 330 جنيها في
الشهر ولن يجد في المقابل مكافأة على مجهوده.
ومن زاوية
أخرى يتحدث ميلاد زرعي ،مزارع، عن تفاصيل زراعة العنب علي مساحة فدان خاصته قائلا: "العنب من النباتات الدائمة في التربة
كغيره من أشجار الفاكهة الأخرى التي لا تُقلع من التربة بمجرد جمع محصولها، فهي
تستمر في الأرض لأعوام عديدة وتحتاج إلي جهد وتكاليف كثيرة لرعايتها ويعطي المحصول
مرة واحدة في العام.
ويقول "ميلاد": لقد تكلفت مبلغ قدره 17 ألف جنيه العام الماضي لإخراج
محصول العنب حيث يتم رش مبيدات كل 15 يوم، وتتنوع التكاليف بين أسمدة ومبيدات وري إلى
جانب أجرة العمال الذين يقلمون الشجر ويقصفونه ويجمعون المحصول.
وأضاف
"زرعي" أن التجار قد اشتروا منه المحصول بسعر 2جنيه للكيلو وقد أنتج
الفدان عشرة أطنان تم بيعهم بعشرين ألف جنيه ليكون ربحه ثلاثة ألاف جنيه من هذا المحصول
الذي استغرق نموه عام كامل.
ولتعويض هذا الربح الضئيل يقوم "زرعي"
بزرع البرسيم تحت أشجار العنب في الستة أشهر الأولي من العام ليقوم ببيعه إلى أصحاب
المواشي والمهتمين بالإنتاج الحيواني عامة لتدر عليه ربحًا يقارب الثلاثة ألاف
جنيه وهو مجبر علي ذلك فهو يعلم تماما أن
زراعة البرسيم تؤثر علي نمو محصول العنب ويمتص غذاء التربة ولكن ماذا يفعل؟، فهو يمتلك من الأبناء ثلاثة والبرسيم هو "النواة التي تسند الزير"
علي حد تعبيره.
زيادة دعم الحكومة للفلاح وآلية لمراقبة التجار
ويقترح
حسن سعيد ، مزارع، أن تقوم الدولة متمثلة في وزارة الزراعة وغيرها من الجهات
المعنية الاهتمام بالارتقاء بالمستوي المعيشي للمزارع المصري وخاصة بعد موجات
ارتفاع الأسعار الكبيرة التي شهدتها البلاد مؤخرًا، كما يجب حماية المزارعين من
جشع التجار بتخصيص هيئات أو منافذ لشراء المحاصيل من المزارعين وهو ما يحدث فعليًا
في محصول القمح ولكن يجب تعميم هذا النظام علي جميع المحاصيل وليس القمح فقط ثم
تقوم هذه المنافذ ببيعها للتجار بسعر مناسب.
ويقترح سيد شحاتة ،مزارع، زيادة دعم وزارة
الزراعة متمثلة في الجمعيات التعاونية الزراعية للمزارع من خلال زيادة عبوات الأسمدة
المدعمة المخصصة للفدان الواحد وإدراج المبيدات إلى قوائم الدعم وخاصة الأنواع الأساسية
منها التي لا غني عنها، فدعم المزارع بكل الطرق والوسائل يحقق أمننا القومي
والغذائي وصمام الأمان لبلادنا الحبيبة.
التجار: ارتفاع الأسعار سببه أصحاب المحلات
وفي
الاتجاه المعاكس يبرر ناصر محمود ،تاجر عنب، سر الفرق الشاسع بين سعر المحاصيل أثناء
شرائها من الحقول وسعرها في الأسواق، قائلًا:
" إذا اشتريت كيلو العنب بـ 2 جنيه وبعته للمحلات التجارية بــ3 جنيهات فان
هذا الربح المقدر بألف جنيها للطن الواحد يخصم منه بدل سمسرة للسمسار الذي قام
بالتوسط بينه وبين المزارع فيأخذ 15% من الربح بينما سائق السيارة الذي ينقل
البضاعة إلي محافظات أخرى يأخذ نسبة لا تقل عن 35% من الربح وبالتالي يتبقي له
كتاجر 50% من الأرباح.
ويرى "محمد" أن السبب في الزيادة الكبيرة
في أسعار العنب التي تصل إلى ستة إلى سبعة جنيهات هو أصحاب المحلات وليس التاجر
وفي النهاية فان العبء الأكبر يتحمله كل من المزارع والمواطن المستهلك.