طوال
سنوات عمره القليلة، عاش بجانب أهله وفي كنف أمه، يقاسم الجميع أدق تفاصيله،
ويراهم ويحادثهم ليلًا نهارًا، إلى أن تأتي تلك الغربة الإجبارية، التي تضطره إلى الانتقال
من موطنه وترك أهله ورائه،إلى مكان آخر لا يعلم عنه شيء، لم يأته إلا من أجل
العلم.
راغبي
العلم، من طلاب المدن الجامعية، الذين يأتون من كل صوب وحدب من أجل استكمال
تعليمهم الجامعي، هم الأشد معاناة من الغربة والوحدة، رغم تعدد أصدقائهم إلا أن
البعد عن الأهل ليس بالأمر الهين.
استمعت
"جريدة الجامعة" إلى بعض حكايات وقصص من واقع غربة طلاب المدن الجامعية
المغتربين، لنجد أنها مشاعر تكاد تكون واحدة لا اختلاف فيها، فالجميع يشعر بالوحشة
لأهله وموطنه الأصلي، ولا يجبره على التحمل سوى حلم يلوح من بعيد.
"جحيم"
بهذه الكلمة، عبر رجب طايع، طالب بالفرقة الرابعة بكلية العلاج الطبيعي،
عن شعوره الذي انتابه في بداية أيام اغترابه، إذ وجد صعوبة في التأقلم؛ نظرًا
لتغير المكان والأشخاص ووصل هذا الشعور الى رغبته في حزم امتعته من أجل السفر
لبلاده مره أخرى. لكن مع مرور الوقت تمكن من التعود على كل ذلك، وتغير مفهوم
الغربة لديه إلى الأفضل، جعلته يعتمد على نفسه وكيفية التصرف في المواقف التي
يتعرض لها، وتغيرت شخصيته في كيفية التعامل مع الأشخاص وطريقة التفكير تجاه أي شيء..
حسبما روى لنا.
بينما
عبرت، نورا صابر، طالبة بالفرقة الثالثة بكلية العلاج الطبيعي، عن المأساة التي
عانتها في البداية، بتأكيدها على أنها كانت خائفة في البداية من الاغتراب
والانتقال إلى مكان آخر، تختلف بيئته عن بيئة موطنها واختلاف ثقافات الأشخاص الذين
تتعامل معهم؛ نظرًا لاختلاف المحافظات التي ينتمون اليها. وتضيف أنها تعرضت للعديد
من المشكلات مع صديقاتها وعلى الرغم من ذلك إلا أن الغربة تحولت إلى شيء إيجابي في
حياتها، فمن خلالها تمكنت من كيفية التعامل مع الأشخاص، وتنظيم الوقت، ما بين
الترفيه والدراسة"، وتنصح الطلاب بانتقاء الأشخاص الذين يتعاملون معهم؛ لأن
ذلك سيكون له أثر عليه سواء بالسلب أو بالإيجاب.
"الغربة هي تجربة؛ لإن كل ما يمر به الطالب في غربته ما هو إلا
تجربة سواء كانت ناجحة أم لا فكلاهما مفيد"، كلمات من خلالها أعربت الشيماء
أحمد، عن مفهوم الغربة لديها مستكلمة حديثها إنه كان لديها الشغف للانتقال إلى
مكان جديد والتعامل مع أشخاص جدد.
أما
أحمد عرابي، طالب بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، يؤكد أن لديه حب
الانتقال من مكان إلى اخر، معبرًا عن أمنيته في الالتحاق بهذه الكلية التي تبعد
300 كم من محافظته.
ويوضح،
أن ما ساعده على التغلب على الغربة هو الاختلاط مع أشخاص جدد، وقليلًا ما كان
يتعرض لمشاكل؛ لكونه يعتمد غالبًا على نفسه في بعض أموره الحياتية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق